كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وثنى بعضهم هنا وجمعه في الأول حيث قال: {وهل أتاك نبأ الخصم} لأن جملتهم جمعت، وهم فريقان كل واحد منهما خصم.
{فاحكم بيننا بالحق} أي بالعدل.
{ولا تشطط} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: لا تملْ، قاله قتادة.
الثاني: لا تَجُر، قاله السدي.
الثالث: لا تسرف، قاله الأخفش.
وفي أصل الشطط قولان:
أحدهما: أن أصله البعد من قولهم شطط الدار إذا بعدت، قال الشاعر:
تشطط غدًا دار جيراننا ** والدار بعد غد أبعد

الثاني: الإفراط. قال الشاعر:
ألا يا لقومي قد اشطّت عواذلي ** وزعمن أن أودى بحقّي باطلي

{واهدِنا إلى سواءِ الصراط} فيه وجهان:
أحدهما: أرشدنا إلى قصد الحق، قاله يحيى.
الثاني: إلى عدل القضاء، قاله السدي.
{إن هذا أخي} فيه وجهان:
أحدهما: يعني على ديني، قاله ابن مسعود.
الثاني: يعني صاحبي، قاله السدي.
{له تسع وتسعونَ نعجةً وليَ نعجةٌ واحدةٌ} فيها وجهان:
أحدهما: أنه أراد تسعًا وتسعين امرأة، فكنى عنهن، بالنعاج، قاله ابن عيسى. قال قطرب: النعجة هي المرأة الجميلة اللينة.
الثاني: أنه أراد النعاج ليضربها مثلًا لداود، قاله الحسن.
{فقال أكفلنيها} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ضمها إليَّ، قاله يحيى.
الثاني: أعطنيها، قاله الحسن.
الثالث: تحوّل لي عنها، قاله ابن عباس وابن مسعود.
{وعزّني في الخطاب} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أي قهرني في الخصومة، قاله قتادة.
الثاني: غلبني على حقي، من قولهم من عزيز أي من غلب سلب، قاله ابن عيسى.
الثالث: معناه إن تكلم كان أبين، وإن بطش كان أشد مني، وإن دعا كان أكثر مني، قاله الضحاك.
قوله عز وجل: {قال لقد ظَلَمَكَ بسؤال نعجتِك إلى نعِاجه} فإن قيل فكيف يحكم لأحد الخصمين على الآخر بدعواه؟ ففيه جوابان:
أحدهما: أن الآخر قد كان أقر بذلك فحكم عليه داود عليه السلام بإقراره، فحذف اكتفاء بفهم السامع، قاله السدي.
الثاني: إن كان الأمر كما تقول لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه.
{وإنَّ كثيرًا من الخُلَطاءِ} يحتمل وجهين:
أحدهما: الأصحاب.
الثاني: الشركاء.
{لَيَبْغِي بعضهم على بعض} أي يتعدى.
{إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} تقديره فلا يبغي بعضهم على بعض، فحذف اكتفاء بفهم السامع.
{وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: وقليل ما فيه من يبغي بعضهم على بعض، قاله ابن عباس.
الثاني: وقليل من لا يبغي بعضهم على بعض، قاله قتادة.
وفي {ما} التي في قوله: {وقليل ما هم} وجهان:
أحدهما: انها فضلة زائدة تقديره: وقليل هم.
الثاني: أنها بمعنى الذي: تقديره: وقليل الذي هم كذلك.
{وظن داود أنما فتناه} قال قتادة أي علم داود أنما فتناه وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: اختبرناه، قاله ابن عباس.
الثاني: ابتليناه، قاله السدي.
الثالث: شددنا عليه في التعبد، قاله ابن عيسى.
{فاستغفر ربَّه} من ذنبه. قال قتادة: قضى نبي الله على نفسه ولم يفطن لذلك، فلما تبين له الذنب استغفر ربه.
واختلف في الذنب على أربعة أقاويل:
أحدها: أنه سمع من أحد الخصمين وحكم له قبل سماعه من الآخر.
الثاني: هو أن وقعت عينه على امرأة أوريا بن حنان واسمها اليشع وهي تغتسل فأشبع نظره منها حتى علقت بقلبه.
الثالث: هو ما نواه إن قتل زوجها تزوج بها وأحسن الخلافة عليها، قاله الحسن.
وحكى السدي عن علي كرم الله وجهه قال: لو سمعت رجلًا يذكر أن داود قارف من تلك المرأة محرَّمًا لجلدته ستين ومائة لأن حد الناس ثمانون وحد الأنبياء ستون ومائة، حَدّان.
{وخَرّ راكعًا وأناب} أي خرّ ساجدًّا وقد يعبر عن السجود بالركوع، قال الشاعر:
فخر على وجهه راكعًا ** وتاب إلى الله من كل ذنب

قال مجاهد: مكث أربعين يومًا ساجدًّا لا يرفع رأسه حتى نبت المرعى من دموع عينه فغطى رأسه إلى أن قال الله تعالى: {فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} أي مرجع.
في الزلفى وجهان:
أحدهما: الكرامة، وهو المشهور.
الثاني: الرحمة قاله الضحاك. فرفع رأسه وقد قرح جبينه.
واختلف في هذه السجدة على قولين:
أحدهما: أنها سجدة عزيمة تسجد عند تلاوتها في الصلاة وغير الصلاة، قاله أبو حنيفة.
الثاني: أنها سجدة شكر لا يسجد عند تلاوتها لا في الصلاة، ولا في غير الصلاة وهو قول الشافعي.
قال وهب بن منبه: فمكث داود حينًا لا يشرب ماء إلا مزجه بدموعه، ولا يأكل طعامًا إلا بلّه بدموعه، ولا ينام على فراش إلا غرقه بدموعه. وحكي عن داود أنه كان يدعو على الخطائين فلما أصاب الخطيئة كان لا يمر بواد إلا قال: اللهم اغفر للخاطئين لعلك تغفر لي معهم.
قوله عز وجل: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض} فيه وجهان:
أحدهما: خليفة لله تعالى وتكون الخلافة هي النبوة.
الثاني: خليفة لمن تقدمك لأن الباقي خليفة الماضي وتكون الخلافة هي الملك.
{فاحكم بين الناس بالحق} فيه وجهان:
أحدهما: بالعدل.
الثاني: بالحق الذي لزمك لنا.
{ولا تتبع الهوى} فيه وجهان:
أحدهما: أن تميل مع من تهواه فتجور.
الثاني: أن تحكم بما تهواه فتزلّ.
{فيضلك عن سبيل الله} فيه وجهان:
أحدهما: عن دين الله.
الثاني: عن طاعة الله.
{إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نَسُوا يوم الحساب} فيه وجهان:
أحدهما: بما تركوا العمل ليوم الحساب، قاله السدي.
الثاني: بما أعرضوا عن يوم الحساب، قاله الحسن.
قوله عز وجل: {إذ عُرِض عليه بالعشي الصافنات الجياد} الخيل وفيه وجهان:
أحدهما: أن صفونها قيامها ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سره أن يقوم الرجال له صفوفًا فليتبوأ مقعده من النار» أي يديمون له القيام حكاه قطرب وأنشد قول النابغة:
لنا قبة مضروبة بفنائها ** عتاق المهاري والجياد الصوافن

الثاني: أن صفونها رفع احدى اليدين على طرف الحافر حتى تقوم على ثلاث كما قال الشاعر:
ألف الصفون فما يزل كأنه ** مما يقوم على الثلاث كسيرا

وفي {الجياد} وجهان:
أحدهما: أنها الطوال العناق مأخوذ من الجيد وهو العنق لأن طول أعناق الخيل من صفات فراهتها.
الثاني: أنها السريع، قاله مجاهد واحدها جواد سمي بذلك لأنه يجود بالركض.
قوله عز وجل: {فَقَالَ إِني أحببت حُبَّ الخَيْرِ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني حب المال، قاله ابن جبير والضحاك.
الثاني: حب الخيل قاله قتادة والسدي. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة» وفي قراءة ابن مسعود: {حب الخيل}.
الثالث: حب الدنيا، قاله أسباط.
وفي {أحببت حب الخير} وجهان:
أحدهما: أن فيه تقديمًا وتأخيرًا تقديره: أحببت الخير حبًا فقدم، فقال: أحببت حب الخير ثم أضاف فقال أحب الخير، قاله بعض النحويين.
الثاني: أن الكلام على الولاء في نظمه من غير تقديم ولا تأخير، وتأويله: آثرت حب الخير.
{عَن ذِكر ربي} فيه وجهان:
أحدهما: عن صلاة العصر، قاله علي رضي الله عنه.
الثاني: عن ذكر الله تعالى، قاله ابن عباس.
وروى الحارث عن علي كرم الله وجهه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة الوسطى فقال: «هي صلاة العصر التي فرط فيها نبي الله سليمان عليه السلام».
{حتى توارت بالحجاب} فيه قولان:
أحدهما: حت توارت الشمس بالحجاب، والحجاب جبل أخضر محيط بالخلائق، قاله قتادة وكعب.
الثاني: توارت الخيل بالحجاب أي شغلت بذكر ربها إلى تلك الحال، حكاه ابن عيسى.
والحجاب الليل يسمى حجابًا لأنه يستر ما فيه.
قوله عز وجل: {رُدُّوها عليَّ} يعني الخيل لأنها عرضت عليه فكانت تجري بين يديه فلا يستبين منها شيء لسرعتها وهو اللهم أغضَّ بصري، حتى غابت الحجاب ثم قال ردوها عليّ.
{فطفق مسحًا بالسوق والأعناق} فيه قولان:
أحدهما: أنه من شدة حبه لها مسح عراقيبها وأعناقها، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه لما رآها قد شغلته عن الصلاة ضرب عراقيبها وأعناقها، قاله الحسن وقتادة.
ولم يكن ما اشتغل عنه من الصلاة فرضًا بل كان نفلًا لأن ترك الفرض عمدًا فسق، وفعل ذلك تأديبًا لنفسه. والخيل مأكولة اللحم فلم يكن ذلك منه إتلافًا يأثم به.
قال الكلبي: كانت ألف فرس فعرقب تسعمائة وبقي منها مائة. فما في أيدي الناس من الخيل العتاق من نسل تلك المائة.
قوله عز وجل: {ولقد فتنا سُليمان} فيه وجهان:
أحدهما: يعني ابتليناه قاله السدي.
الثاني: عاقبناه، حكاه النقاش.
وفي فتنته التي عوقب بها ستة أقاويل:
أحدهما: أنه كان قارب بعض نسائه في بعض الشيء من حيض أو غيره قاله الحسن.
الثاني: ما حكاه ابن عباس قال كانت لسليمان امرأة تسمى جرادة وكان بين أهلها وبين قوم خصومة فاختصموا إلى سليمان ففصل بينهم بالحق ولكنه ود أن الحق كان لأهلها فقيل له إنه سيصيبك بلاء فجعل لا يدري أمن الأرض يأتيه البلاء أم من السماء.
الثالث: ما حكاه سعيد بن المسيب أن سليمان احتجب عن الناس ثلاثة أيام لا يقضي بين أحد ولم ينصف مظلومًا من ظالم فأوحى الله تعالى إليه إني لم أستخلفك لتحجب عن عبادي ولكن لتقضي بينهم وتنصف مظلومهم.
الرابع: ما حكاه شهر بن حوشب أن سليمان سبى بنت ملك غزان في جزيرة من جزائر البحر يقال لها صيدون، فألقيت عليه محبتها وهي معرضة عنه تذكر أمر أبيها لا تنظر إليه إلا شزرًا ولا تكلمه إلا نزرًا، ثم إنها سألته أن يضع لها تمثالًا على صورته فصنع لها فعظمته وسجدت له وسجد جواريها معها، وصار صنمًا معبودًا في داره وهو لا يعلم به حتى مضت أربعون يومًا وفشا خبره في بني إسرائيل وعلم به سليمان فكسره وحرقه ثم ذراه في الريح.
الخامس: ما حكاه مجاهد أن سليمان قال لآصف الشيطان كيف تضلون الناس؟ فقال له الشيطان أعطني خاتمك حتى أخبرك، فأعطاه خاتمه فألقاه في البحر حتى ذهب ملكه.
السادس: ما حكاه أبان عن أنس أن سليمان قال ذات ليلة: والله لأطوفن على نسائي في هذه الليلة وهن ألف امرأة كلهن تشتمل بغلام، كلهم يقاتل في سبيل الله، ولم يستثن. قال أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والذي نفس محمد بيده لو استثنى لكان ما قال» فما حملت له تلك الليلة إلا امرأة واحدة فولدت له شق إنسان.
{وألقينا على كُرْسيِّه جسدًا} فيه قولان:
أحدهما: معناه وجعلنا في ملكه جسدًا، والكرسي هو الملك.
الثاني: وألقينا على سرير ملكه جسدًا.